صحوت اليوم كالعادة على اذان الفجر الذى يرن فى الغرفة كصوت الرعد كل شئ كما هو الأحداث تتكرر فأنا أنزل من سريرى وأرى جدى قد استيقظ قبلى وتوضأ ويستعد للنزول للمسجد فأتوضأ انا الأخر وأنزل معه كسلانا مشتاقا للنوم مرة أخرى فأسمع صوت الأستاذ مصطفى الذى يسكن فى الدور وهو يسب ويلعن فى عم ابراهيم المؤذن ويصفه بالتخلف والرجعية وجدى يدعو له بالهداية أو الهد لأنه لا يرى اى مشكلة فى صوت عم ابراهيم الخشن ولا فى علو صوت الميكروفون الخاص بالمسجد فهو يعتبرها اقامة للشعائر وايقاظ للضمائر كما انه يصف الاستاذ مصطفى بالزندقة لأنه يسمع النداء ولا يلبى بل يسب ويلعن فى المؤذن صاحب الفضل العظيم ونستمر فى النزول فيقابلنا ميزو يترنح صاعدا على السلم فأبادله التحية بيدى ويدعوه جدى للصلاه فيجيبه بأنه سيأتى فى الغد أما بقية سكان العمارة فيغطون فى نوم عميق بعد يوم طويل من العمل وعند دخولنا المسجد ارى عم ابراهيم يصلى السنة فندخل وونصلى ثم يقيم الصلاة فنصلى خلفه ويتكرر المشهد نفسه كل يوم وأحيانا يسأل جدى عم ابراهيم بعض الأسئلة فى الفقه والسياسة والطهارة فيجيبه دائما ويخرج جدى مقتنعا أما انا فلم اكن افكر فيما يقولون من الأساس ولكن لا يهم فما يهمنى هو الصعود لمعاودة النوم وعشت على هذا الحال الى ان كبرت قليلا وذات صباح راودتنى فكرة اعتقدت بأنها رائعة فقلت لنفسى ما المانع ان أن نخفض صوت الميكروفونات قليلا ونأتى بمؤذن أخر ذا صوت اندى مع الاحتفاظ لعم ابراهيم بالإمامة ثم نقلت الفكرة لجدى فما كان منه الا ان نهرنى وقال بأن علو الصوت هو السبب فى ايقاظى ولولا ذلك ما استيقظت وما دفعنى لذلك الا كسلى ثم من أنا لأعترض على عم ابراهيم الرجل الذى وهب نفسه لله هل أمتلك عشر علمه لكى اتكلم فى حقه وهل الرجل يؤذن أم يغنى أغانى هابطة من بتوع الجيل التعبان بتاعكو لكى نستبدله بأخر ذو صوت ندى. واستمر جدالنا انا وجدى اياما وشهور احاول اقناعه بأن هذا افضل للناس فالمؤذن ذو الصوت الأفضل سيكون غير منفر للناس والامام اذا كان صوته رخيم سيساعد الناس على الخشوع وهو الهدف من الصلاة وليس مجرد اقامتها وما كان منه الا وصفى بالكسل ونهرى ثم اخيرا امرنى بعدم التفكير فى هذه الوساوس مرة اخرى .أما أنا فلم اكف عن التفكير فى الأمر حتى قررت أن أخطو فيه نحو الحل فتشجعت وكلمت عم ابراهيم فنظر إلى بعمق ثم قال لى متى قابلت الأستاذ مصطفى أخر مرة فسألته عن علاقة ذلك بموضوعنا فقال بأنه يرانى وأنا ابادله التحية على السلم وهو يراقبنى منذ فترة ويحس بأن هناك تغير فى سلوكى بالذات بعد أن بدأت أقرأ الكتب وبدأت اجادل فى القضايا الشرعية فأجبته بأن علاقتى بالأستاذ مصطفى عادية وأنى اختلف معه وهذا ليس مانعا من اقامة علاقة طيبة معه فأخذ عم ابراهيم يذكرنى بتقوى الله وعدم التفريط فى الدين ودعانى بأن اتردد عليه دائما وأعرض عليه أى شيئ يدور فى عقلى فقمت من عنده مهموم ثم يأست من الموضوع بعد فترة من التفكير الى أ، مرض عم ابراهيم وقل تردده على المسجد ووجدت نفسى اصبحت فى صدارة من يهتمون بأمور المسجد ثم أصبح وجود عم ابراهيم يتضاءل تدريجيا الى ان اختفى تماما من ادارة شئون المسجد خاصة بعد أن اخذت على عاتقى أنا وبعض الأصدقاء الجدد الذين اصبحوا يترددون على المسجد الاهتمام به فما كان منا الا ان اخترنا اندانا صوتا ليؤذن ثم خفضنا الصوت بدون أن يشعر جدى فلقد كان سمعه ثقيلا الى حد ما ومنذ ذلك الحين وبدأت ألحظ فى حينا اقبالا على المسجد ولكنه غير ملحوظ .
0 التعليقات:
إرسال تعليق