جميل هو الزخم الذى عشناه فى الفترة الأخيرة بين المؤيدين للتعديلات والمعارضين لها والأجمل هو الحوار الذى دار بين المواطنين ليتبادلوا وجهات النظر فيها ولكن كان هناك مشهد مفتقد فى هذا الزخم وهو ما يعرف بالمناظرات فمن المعتاد فى عالم السياسة إجراء مناظرات بين وجهات النظر المختلفة بالذات فى الانتخابات الرئاسية بحيث يجتمع الطرفان ويرد كلا منهما على الأخر ويخرج المواطن وفى جعبته كلا من مميزات وسلبيات الطرفين ولكن ما حدث هو نوع من العند السياسى فالطرف المعارض للتعديلات يكتفى بإظهار القصور فيها وأحيانا اتهام المؤيدين بإيثار مصلحتهم الفئوية وكذلك الطرف المؤيد لا يبدى ميلا للحوار مع الطرف المعارض بل إنها بدت وكأنها بين اليمين المؤيد واليسار المعارض كل يريد اثبات وجوده وأتمنى ألا تكون ذلك ولكن ما يقلق أكثر هو هذه الإندفاعية السياسية التى رأيناها من أغلب القوى سواء مؤيدة كانت أو معارضة فسريعا ما خون بعضهم البعض وتراشقوا الاتهامات إن هذا ينقلنا الى الحديث عن ظاهرة عرضية فى الحياة المصرية حاليا وهى حالة يمكن أن نسميها بالمراهقة السياسية أو "كى جى ون سياسة " والأغلب ان هذه الظاهرة مارستها جميع القوى السياسية على الساحة وحتى الغير سياسية وظهرت بعدة وجوه منها ما يسمى بالسلفيين الذين لايتحدثون إلا عن المادة الثانية من الدستور وربما لو سألت أحدهم عن المادة الأولى لما أجاب ثم يتحدثون بعد ذلك عن الخلافة التى لايملكون لها ملامح اصلا الا تكرار ما حدث فى شكل الدولة فى القرون الماضية ولقد رأيناهم عندما خرجوا فى وقت لاحت فيه بوادر فتنة طائفية الى الأفق يطالبون بخروج المسيحيات اللاتى أشهرن إسلامهن من أماكن احتجازهن ولم نرهم خرجوا يوما للمطالبة بخروج المسلمات اللاتى أهن فى مقرات جهاز أمن الدولة بجميع أشكالها والذى كان له الدور الأكبر فى موضوع المحتجزات المطالبين هم بالإفراج عنهم .
أما الوجه الأخر هو هذا الهجوم العنيف من بعض الشباب على المؤسسة العسكرية واتهامها بأنها ضد الثورة على الإطلاق وذلك لبعض الممارسات الغير مبررة من الجيش ضد الشعب مثل الإختطاف والتعذيب وإصدار أحكام عسكرية بحق النشطاء ومثل مداهمة المعتصمين وفض اعتصاماتهم بالقوة والعصى الكهربائية صحيح أن هذه الممارسات غير مبررة اطلاقا من الجيش ويجب أن تتوقف فورا بل ويحاسب كل المسؤلين عنها كبروا أم صغروا ويعلن الجيش اعتذاره أمام الجميع بل ويتخذ ضدها كل الإجراءات القانونية الممكنة ولكن هذا لا يقتضى أن نخون الجيش كليا أو نتعمد تشويه صورته بالذات فى هذه المرحلة فنكون موضوعيين فى حكمنا على الحدث.
وجه أخر وهو يصدر ممن يسمون بغير المسيسين بالذات وهو الإكثار من الكلام والهتاف والتعبير عن الرأى على الفيس بوك وتويتر وحتى فى المظاهرات والتقليل من العمل المثمر على أرض الواقع فتشيير اللينكات على الفيس بوك والهتاف المتحمس وكنس وتجميل الشوارع فقط لا يكفى بل إن نجاح الثورة فى تحقيق كل أهدافها يتطلب الإستعداد التام للتضحية والبذل فى كل النواحى لتوصيلها الى منطقة أمان .
كما يجب علينا أيضا أن نعيش المرحلة بالتعقل والإندفاعية بالإرادة والتصبر جنبا إلى جنب ولا نميل إلى جانب واحد فقط بل إذا تعارضت مصلحة الثورة مع إندفاعنا نحو التغيير الجذرى والسريع يجب علينا أن نميل إلى التعقل لمصلحة الثورة.
وفى النهاية أوكد على أهمية الحوار المشترك بين جميع الأراء والقوى السياسية فى الوقت الحالى بل وتشكيل تنظيم أيا كان اسمه أو شكله لتجميع كل فئات الشعب الشعب السياسية والمهنية على مطالب مشتركة (المجلس الوطنى فى ليبيا مثلا) فنحن لم نصل بعد إلى مرحلة التنافس فى الشارع وهذا ما يجب أن تعرفه كل القوى السياسية أنه ليس من مصلحة أيا منها التنافس حاليا أيا كانت قدرتها وحجمها ودامت مصر لنا وطنا عزيزا نعيش فيه حياة كريمة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق