Featured Video

الخميس، 12 يناير 2012

أوثان العصر

هبل ودا سواعا اللات أسماء لن تسمعها فى الشارع فى الألفية الثالثة فهى أسماء لأصنام كان العرب يعبدونها فى قديم الزمان ويقدسونهم ، الناس الآن أغلبهم اما مؤمنون بالله أو ملاحدة ولكن كلا الطرفين مازالت به بعض اثار الوثنية القديمة التى عانت منها الانسانيةطويلا ولكن بصور مختلفة فطلت علينا أوثان لم يعرفها الانسان القديم ولكن الانسان الحديث تعامل معها كما تعامل الانسان القديم مع اوثانه هو وثن الحداثة أو التكنولوجيا التى ابهرت الناس فانساقوا لها بدون اى فهم فجعلوا من الحديث دائما افضل من القديم ولم لا فالآلة الحديثة افضل من الألة القديمة اذا فالحضارة الحديثة افضل من الحضارة القديمة والقيم الحديثة افضل من القيم القديمة والخبر المروى فى الشاشة اصدق من الخبر المروى من شخص والورقة المطبوعة اصدق من الورقة المكتوبة والمساكن فى الدول المتقدمة ماديا اجمل من المساكن فى الدولة المتخلة ماديا وكأن الانسان آلة تتحدث مع مرور الزمن وكأن القيم كالملابس تتبدل بتغير الظروف المحيطة .
وثن أخر ه الديموقراطية...بالطبع انا لست مع الاستبداد ولا ارى الديموقراطية كفرا كما يراها البعض ولا حتى شيئا خبيثا ولكن ما يحدث الأن فى العالم فى الحقيقة هو مجرد تقديس للكلمة فقط فاينما تكون هناك انتخابات حرة نزيهة وحريات عامة يمكن ان نطلق على هذا البلد "ديموقراطى" وهذا شرف كبير له اما عن العدالة الاجتماعية وحرية الخروج على النسق العام وغيره فلا يذكرها احد فمثلا المجتمع الامريكى يوصف بأنه ديموقراطى بل ام الديموقراطيات ومع ذلك لا يذكر احد انه مجتمع مسير من خلال وسائل الاعلام الموجهة والتى تصنع له احلامه وطموحاته وتقنعه بالأكاذيب فيقتنع بها بدون اى تمحيص فالمواطن الأمريكى يمكن أن يخدع من مرشح ما طالما انه سيوفر له الرفاهية والمزيد من الطعام أما عن الانسان فلا جديد وكذلك السياسات العامة لا جديد فيها فالجميع متفقون على التوسعية والسرقة من الشعوب الأخرى ولكن الاختلاف فى الشعارات وبعض التفاصيل الصغيرة ثم يأتى فى بلادنا من يطالب بأن نكون مثلهم ! ما فائدة الانتخابات النزيهه لو لم يكن الناخبون واعين ويمتلكون القدرة على التمحيص ؟؟ ثم نقول اننا نمارس الديموقراطية ونهاجم كل من ينتقد هذه الديموقراطية الخواء ونهتف فى وجهه احترموا ارادة الشعب (بالطبع لا اقصد عملاء الاستبداد ولا عاشقى السلطة ممن لا يملكون مفاتيح عواطف الشعوب) .
وهذا يقودنا الى وثن ثالث وهو ارادة الأمة أو الشعب أو تراب الوطن او قوة الدولة وكلها مصطلحات لوثن واحد فكل قطر من الأقطار يتغنى الناس بجماله وكيف انه أفضل منطقة جغرافية على وجه الأرض ومن يعيش فيه هم افضل من فى الأرض مهما حدث ويجب على الجميع أن يساهموا فى قوة هذا البلد حتى لو كان ذلك على حساب الأخرين حتى لو كان ذلك على حساب التخلى عن القيم الانسانية حتى لو كان ذلك يستوجب أن يعيش الانسان ذليلا فقيرا لا يهم طالما أن ذلك يؤدى الى "نصرة الوطن" كما فى الدول المستبدة فالمجموع قبل مكونات المجموع فلا يهم الانسان النهم هو الوطن وكأن الوطن شيئا منفصلا عن المواطنين فعليك أن تقبل بالاستبداد اذا كان ذلك يقوى الوطن ولهذا الوثن وجه أخر وهو الاستقرار الذى يعبده الكثير فى وطننا بالذات وكأن الانسان قد خلق ليستقر ويركن الى الهدوء ولا يهم ما يحدث بعدها المهم هو الهدوء نسبد بهدوء ..نسرق بهدوء المهم هو الا يكون هناك اى ازعاج او خروج عن المعتاد فتباع الضمائر من أجل الوظيفة والترقية وتشترى النفوس من أجل المزيد من المال الذى يؤدى الى المزيد من الاستهلاك واللذة الذان يخلقان الاستقرار.
وثن أخر وهو الحب الحب الذى اشبعنا لأعلام مدحا فيه وترغيبا وهو هنا ليس أن تحب الناس وتتمنى لهم الخير ولكن أن يكون لكل ذكر أنثى يحبها ولكل أنثى ذكر تحبه ويتفانى الاثنان فى سبيل الحب ومن أجل الحب وتفعل الجرائم على الشاشات باسم الحب وكأن الحب والجنس وجهان لعمة واحدة ولكن اعلام العالم يستحى أن يمدح الجنس فيغلفه بالحب وتسرى هذه الوثنية فى الجماهير كالعادة ويقع الجميع فى هذا الحب الأعمى الذى لا طائل منه بل انه يكون أداة لتفكيك المجتمع وانتشار الحيوانية واللامبالاة على حساب العفة والشرف والأخلاق وكل ذلك يفعل باسم الحب ومن أجل الحب.
وثن أخير وهو الرياضة وهو من أسخف الأوثان فى عصرنا فاللعب صار مهنة وحرفة يدفع لمحترفها الملايين وتقام لها الملاعب الضخمة وكأنها المعابد التى تقام فيها الشعائر ويتعصب الناس فى انتماءاتهم فيدافعون عن فريق ويهاجمون أخر ويمكن ان تصل الاختلافات الى الاشتباكات وصار التشجيع غواية فى حد ذاته فهذا يشجع ذلك الفريق وهذا يشجع الأخر وكأن الفريق صار قيمة فى حد ذاته وليس القيمة هى ما تضيفه هذه الرياضة وصارت الماتشات أحاديث الشوارع ومواعيدها أوقات مقدسة يهب الإنسان فيها نفسه للشاة وهو ما يشجعه إعلام الاستبداد وكذلك اللاستبداد فإلهاء الناس خير وسيلة لتجنب مراقبتهم للحاكم وانتماءهم المزيف يعوض كثيرا من إحساسهم بعدم الانتماء لشيء نتيجة لتلاشى القيم.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More