كثيرة هى الظواهر الغير متحضرة فى عالمنا الحديث وبالطبع فى مجتمعنا المصرى ومن هذه الظواهر فى المجتمع المصرى ما أسميه بأسلوب النفخ فى تكوين ثقافة الافراد وفى بناء التنظيمات وفى التنظير للأفكرا المختلفة ومعنى هذه الظاهرة أن أن كل تجمعهم صلة معينة أيا كانت هذه الصلة دينية أو عائلية أو جغرافية أو سياسية او فكرية ينغلقون على أنفسهم يدأبوا على التحدث بمزاياهم ونقاط قوتهم ومساوئ الأخرين ونقاط ضعفهم ويظلوا هكذا حتى يظنوا أنهم على الحق المطلق وان غيرهم على الباطل المبين ومن هنا ينشأ عدم قبول الأخر والاستقطاب الحاد الذى يعانى منه المجتمع ليس سياسيا فقط ولكن فى كل المجالات حتى الرياضةواعتقد ان هذا من اهم أسباب الاحتقان الطائفى فى مصر وهو ما يجعل من أتفه الاسباب نارا مشتعلة بين كثير من ابناء الديانتين وكذلك الحال فى الجماعات الفكرية والسياسية فهى تتناحر مع بعضها حتى فى أحلك الظروف التى تستدعى الوحدة على المبادئ الرئيسية واذا سألت أحد افرادها أجابك بأن الاخرين متأمرون ولا يهتمون الا بمصلحتهم الشخصية ويبدأ فى سرد عيوبهم حتى فى العائلات يحدث نفس الشئ بأسلوب مختلف وهو ما يظهر فى مناطق الثأر والتصارع العائلى والرياضه أيضا لم تسلم من هذه الظاهرة بل انها تشهدها فى أسخف صورها فبدلا من أن تكون وسيلة للتقارب والتعارف تكون وسيلة للتباغض والا ختلاف.
أما فى الفترة الأخيرة فلقد استشرت هذه الظاهرة فى المجتمع تمكنت منه بعد أن ظلت قائمة طوال عشرات السنين فما لبث الناس أن يتنسموا رياح الحرية حتى فرغ كل ما لديه من رصيد السنوات السابقة فى وجه الأخرين وظهر الاستقطاب الحاد فى فترة الاستفتاء فكان كل فريق يبرز ما لديه من مميزات اختياره بوصفها الحق المطلق وعيوب الفريق الأخر بفرضها الباطل المطلق الا من رحم ربى من العقلاء وما لاحظته أن اغلب من تحمسوا لاختيارهم تحمسوا له من انتماءهم الفكرى والحزبى وكان من المفترض أن يكون الحكم على الموضوع من خلال البحث فى كلا الاختيارين ومميزاتهما وعيوبهما فى نفس الوقت ثم اختيار الانسب للمرحلة من وجهة نظر الشخص ،ثم استمرت حالة الاستقطاب بين الناس من خلال النفخ أيضا فكل ذو رأى لا يريد اعادة النظر فى رأيه ويزيد فى ثقته بنفسه من خلال سب الاخرين برفقه اصدقاءه وحتى هذه اللحظة مازال الأمر مستما ولا ندرى ماذا ستكون عواقبه .
الموضوع معقد وأسبابه متشعبه وضاربه بجذورها فى تاريخنا المعاصر ولكن يمكن ان يكون هناك حلا بالتأكيد منه أن نعطى مجالا لأنفسنا وعقولنا أن تطلع على كل الأفكار والرؤى المطروحة ايا كانت ومحاولة فهمها وألا يجعل المرء من التزامه الحزبى او الاجتماعى عائقا امام اعمال عقله وعلى التنظيمات المختلفة والأسرة أماكن التربية أن تبتعد عن قتل أبناءها فكريا وتربيتهم على أن الولاء يقتضى عدم التعايش مع الأخر وعلى الدولة أن تفتح مجالا للحرية الفكرية والعقدية أكثر مما هو متاح بحيث يكون للفرد الحرية التامة فى اختيار الطريقة المناسبة التى يعيش بها طالما لن يضر غيره وبذلك ينشأ مجتمع واعى يؤمن بما يعتنق يقبل الأخر ويكمله يقارع الحجة بالحجة وهذا هو المجتمع المتحضر.
1 التعليقات:
اعطيك مثال فى الاستفتاء
الاخوان المسلمون الى انا فرد منها عملوا لينا مؤتمر صغير او لقاء وفهمومنا ايه ممزيات اه ومميزات لا وعيوب الاتنين وفعلا اقتنعنا ان نعم كان الاختيار الصحيح وان لا اختيار غير موفق والبعض كان يبحث عن مصلحته ...
بالنسبه بقى لحالة الاستقطاب الموجوده فاكيد فى منها مفتعل وفى منها طبيعى بحكم الايديولوجيه الموجوده لكن انا متاكد ان شغلانة الطائفيه دى مفتعله .
...
مقال ممتاز جزاك الله خيرا
إرسال تعليق